العنوان مقتبس من محاضرة قدمها البروفيسور محمد عبدالمنعم , وكانت بعنوان عمر الخيام بين مرافئ الشعر والجبر , في الاسبوع الثقافي لكلية العلوم الرياضية ( اسكول) , للاسف فاتني احضر المحاضرة , لكن للبروفسير محمد عبدالمنعم , اثر كبير في حياتي الأكاديمية والشخصية. البروفسير عقلية فذة جدا , واكاد اجزم انه أعظم عقلية رياضية في مجال الرياضيات البحتة في الوطن العربي متعه الله بالصحة والعافية , وهو من احد الاسباب التى جعلتنى اعشق المجال بشدة فكنت استمتع جدا بمحاضراته لنا في عامنا الدراسي باسكول عن مبادئ الحساب
Arithmetic
بدأت رحلة البروفسير في هذا المجال بعد اجتيازه عامين في مساق الرياضيات في جامعات الخرطوم في برنامج مكافئ لدراسة ال (A-Level) في بريطانيا. وكان البروفيسور ضمن ثلاثة الطلبة الثلاثة المتفوقين في نهاية البرنامج، الذين ابتعثوا لدراسة الرياضيات أو الفيزياء، في جامعة ريدنج Reading University ، بالقرب من لندن؛ وذلك على نفقة المجلس البريطاني.
ذكر البروفيسور التأثير الكبير للحظة فراق الخرطوم متوجها لبريطانيا في مقابلة أجرته معه مجلة إشراقات بجامعة نزوى العمانية , وهو كان غادر عام ٢٠٠٤ على ماذكر ليكون عميد لكلية العلوم والاداب بها
قال : لا أنس لحظات الوداع عند تأهبي للمضي لمطار الخرطوم للسفر أول مرة للندن
ما ذرفتٌ الدمعَ لما فاض من أمٍ حفيةما تداعيتُ لقلبٍ يهبُ الحب نقيا
لم أقبّل كفك الحاني فألثمه مليا
كان روحي ثملاً بأوروبا والمروج السندسية
خلتها الفردوس أضحى واقعا عذباً ثريا
وتخرج بمرتبة الشرف الأولى في الرياضيات في مقدمة دفعته. ثم التحق بعدها بمعهد الرياضيات بجامعة Warwick في أواسط إنجلترا، وكانت ولا تزال من الجامعات المرموقة في الرياضيات.
هناك تركزت اهتماماته البحثية في فرع جديد آنذاك في الهندسة ، يسمى
Algebraic Topology
وهناك حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه
والبروفسير على ما اظن كان أول سوداني يدرس تخصص الرياضيات البحتة ويحصل على درجة الدكتوراة فيه , وتخصص الرياضيات البحتة يعتبر من اصعب التخصصات الرياضية خاص إذا ما قورن بالرياضيات التطبيقية , ويحتل مرتبة هام جدا في علم الرياضيات ويعتبر الأساس الذي تبني عليه كافة العلوم الرياضية , واقترن دوم بعظماء الرياضيات اقليدس وايلر الخوارزمي مؤسس علم الجبر .
حكى البروفسير عن تلك الفترة من حين سفره للدراسة وكان في العشرين من عمره , وخلال فترة الماجستير التى كانت مثمر جدا من حيث النقاشات الاكاديمية والبحثية , وحتى الأنشطة الرياضية فالبروفسير يمارس الرياضة باستمرار ويلعب كرة القدم , ويعشق الأدب العربي والانجليزي وله كتابات شعرية , وقد أثارت الغربة في الحنين والشجون للوطن فكتب قائلا :
في ذلك الزمنِ، ما هزّني حتى جلالُ الأطلسي
والمركبُ الآتيَ وصوتُ النورسِ
لم يبق إلا موطني، في مهجتي لم يُطمسِ
فعاد للسودان بعد حصوله للماجستير وتزوج وله من هذا الزواج ابن وثلاث بنات حفظهم الله ورعاهم
.عمل البروفسير بجامعة الخرطوم رئيساً لقسم الرياضيات وعميداً بكلية العلوم الرياضية. وكان لي عظيم الشرف أن درست على يديه في سنتي الأولى من الجامعة. وكان ذا عقلية ادارية فذة محبوب من جميع الطلاب مشجعا على مشاركتهم الفاعلة في الأنشطة الثقافية , وهم الأكبر تفوقهم الباهر , و يسعى لتوسيع آفاقهم الاكاديمية والفكرية فاذكر ونحن طلاب في السنة الأولى حديثه عن أهمية تعلم اللغة الانجليزية لانها طبع لغة العلوم, وحثنا على الاطلاع والتواصل مع الجامعات الأجنبية لريادتها في الأكاديميات , والتأكيد أن اللغة العربية هي اللغة الأم , ولم تنهض الأمم إلا باهتمام بلغتها والتدريس بها. وايضا مما حكى إلى أن البروفسير ما قدم مشروع في مجلس أساتذة الجامعة إلا واجيز فهو صاحب رؤية متكاملة ونظرة ثاقبة . وساهم في تخريج أجيال كثيرة ساهم البروفسير في تخريجها وقدمت إسهامات محلية وعالمية مشهودة.
عمل أستاذاً بجامعة الرياض (جامعة الملك سعود حالياً)، وعميداً لكلية العلوم والآداب بجامعة نزوى، ثم مساعداً لنائب الرئيس للخدمات الأكاديمية المساعدة. وقد قضي فصولاً دراسية زائراً لجامعة السلطان قابوس وجامعة قطر.ونختم هذا المقال المختصر جدا عن العلامة البروفيسور محمد عبد المنعم , على ان نعود باذن الله لتوثيق بعض محطات ومواقف من حياته الثرة حفظه الله ورعاه وندعو جميع طلابه لمشاركة اي خاطرة او ذكرى عن في التعليقات او الايميل لنستصحبها معنا في مقالة قادم بروف محمد بعيون طلابه القادمة أما على الايميل او التعليقات ,
:نختم ابيات من قصيدته “لن تنطفئ الشموع
التقينا
أنت في روق الشباب وأنا
أحملُ الأشواقَ أنهاراً جرينَ
عابد “للحسنِ ملتاع” غريب
تاقَ للحبِ جَداولَ ينبجسن
هل أُشبهٌ بضياء البدر وجهَك
بل يفوق البَدر حسنَا
ما حكى الشلالُ شعرَك
إذ تموّجَ يهمسُ الفتنةَ لحنا
ما الجُمانُ أمامَ ثغرك
والشفايفُ يبتسمنَ. أيُ إبداع تجلّى يا حبيبي
في جمالك فافتتنا
أيُ كفٍ صاغَ يا روحي
قَوامك
غصنَ بانٍ يتثنى
أيُ نولٍ ساقَ للأنفس كرْمك
فارتوت دناً فدنا.
المصادر